"وفى هذا اليوم من سنة 357 م إستشهد القديس الجليل كبريانوس و القديسة يوستينة . كان كبريانوس كافرا وساحرا ، تعلم السحر ببلاد المغرب حتى فاق عن أترابه . ثم حمله الغرور بمقدرته ان يذهب إلى أنطاكية ليتحدى من فيها من السحرة ويفتخر عليهم بعلمه ولما وصلها شاع ذكره . وبلغ مسامع شاب من أولاد أكابرها ، كان قد هوى شابة مسيحية عذراء تدعى يوستينة . كان قد رآها إثناء ذهابها إلى البيعة . فالتهب قلبه بحبها . ولكنه لم يبلغ منها مأربه لا بالمال ولا بالتهديد ، فقصد ذلك الساحر وشكا له حاله لعله يستميل قلب يوستينة إليه ويبلغ منها مراده . فوعده كبريانوس ببلوغ أمله . ثم استعمل كل أساليب سحره فلم يفلح . لأنه كلما أرسل إليها قوة من الشياطين يجدونهأ قائمة تصلى فيعودون بالخيبة . ولما عجز ، دعا الشياطين وقال لهم : ان لم تحضروا إلى يوستينة أعتنق المسيحية . فاستنبط كبير الشياطين حيلة يخدعه بها ، وذلك أنه أمر أحد جنوده ان يتزين بزيها ويظهر في صورتها ويأتيه . ثم سبق فاعلم كبريانوس بمجيئها . ففرح وظل يرقبها . وإذا بالشيطان المتشبه بها قد دخل إليه . ففرح كبريانوس وقام ليعانقها . ولعظم ابتهاجه بها قال لها : مرحبا بسيدة النساء يوستينة ، فعند ذكره اسمها فقط انحل الشيطان المتشبه بها وفاحت منه رائحة كريهة . فعلم كبريانوس أنها خدعة من الشيطان الذي لم يستطع ان يقف قبالة ذكر اسمها ، فقام لوقته وأحرق كتبه ، وتعمد من بطريرك أنطاكية الذي البسه لباس الرهبنة . وبعد ذلك رسمه شماسا فقسا . ولما تقدم في الفضيلة وفى علوم البيعة جعلوه أسقفا على قرطاجنة سنة 351 م . وأخذ القديسة يوستينة وأقامها رئيسة على دير للراهبات هناك . ولما إجمتع المجمع المقدس بقرطاجنة كان هذا القديس أحد المجتمعين فيه . ولما علم بهذا الملك داقيوس استحضرهما وطلب منهما التبخير للأصنام . ولما لم يطيعاه عاقبهما عقوبات كثيرة وأخيرا ضرب عنقيهما بحد السيف . صلاتهما تكون معنا ، ولربنا المجد دائمًا أبديا . آمين .